لا ادري

لم اعرف ان كل هذا الحنين يضج فى اوردتى مقاتلا عنيدا يشبه الرسل الذين

يموتون من اجل من يحبون . لم اعرف ان عينيك كانتا تخدعان الأزمنة الصغيرة كى تحرقا

قدرتى على النوم دون ابتسامة تؤجل فكرة الموت التى تطاردنى . لم اعرف ان النساء اللواتى

مررن كالجيوش على الذاكرة التعبى لم يكن غير ظلال هامشية لصوتك الذى يذبح الكتابة

على اشجارها . لم اعرف ان البلاد كانت فى انتظار معجزة تثبت انها دون روح كما

يجب . لم اعرف ان لدى القدرة على التوحد حتى الموت فى عيون تصطاد المعانى قبل

اشتعالها فى عيون مبدعها . اعرف الان اننى متعب من الأمكنة الصامتة . أعرف أن جنونى

الذى لم تختبره امرأة كان ينتظر الوجه الذى يجبر الملاك الصغير على العصيان . هذا جنونى

وحدى . وهذه الوحدة تمزق المرايا والحقائق .
اعرف هذا الحزن الصغير .

كم عبأته فى وجه يجر الذاكرة من شعرها . فاردا شهوته العميقة على طرفى . تنمو

لغة عينيك ببطئ فى اقبيتى الصغيرة . هذى العيون التى سحبت اعواما من خاصرتى وهى بعد

لم تدرك ان الطفولة حين اجرت لعبتها انما كانت تكسب الوقت كى تأتى الى كاملة بوجه

الهى لا يصلح الا لعاشق يكتب صمته فى ذات العيون قبل ان ترى كتابته .

اى ليل يمر سارقا أشجارى . معريا نقمتى على الدنيا . أكتب ان العالم خرج من

جلد السواد واقترب ضاحكا . ضاحكا . جميلا . أغنى لميلاد لحظة التفاؤل تلك . ناسيا ان

ليل الغياب يراقص اللحظة منذ انبعاثها . شئ يردد الأغنية ويحاول ان يرسم تفاصيلك بمزيد

من الوضوح القاسى . تنامين على ساعد اجهدته الكتابة والغيوم .

أتبرأ من همجية رصدت فراغ روحى فى ليل المسافات الى العاشقات الاقل حظا

بينما تدور جغرافيا الجسد فى حيز باهت دون جغرافيا . ايتها البلاد المنسولة من صخب

القصص الصغيرة . انى اجر كلماتى التى اطلقتها بعدوانية الشعراء . اقبل كفيك وهى تحتضن

هذى العائدة من رموزى الاولى
وانت ايتها السيدة التى تحمل القلب فوق ابتسامتها التى تعلن اسرارها فى ليل

المدينة التى بلا ابتسامة صغيرة . انت ايتها الموقوتة بالقصيدة الحافية . ايتها الناهضة من

فولاذ المراحل . الم يقتلك الوداع بعد . اين اخبئ ارتجافتى من صورة على جدار الروح

التى اكلتها ذكريات الغواية . وهل تتقمصين المجدلية كى استطيع ايجاد الصليب .

اجر اعوامى .. استنشق ما يرتخى من عضلات الذاكرة . ترفضين الرحيل

عنها . ازرع جسدى مرغما فى تربة النوم محترقا بيقظتى الهامشية . اقرأ نصوصا غامرت

قبل اكتشاف انها اعدت لك قبل ان تستيقظ الاوقات القليلة التى كنت فيها فى دائرة

المعنى . اى معنى ابقته الشوارع لعابر يذكر حتى عدد الذين مروا قربك فى الشارع الذى

عبرناه صدفة . لم امسك الناى من أناته . امسكت صوتك وصورة اعدتها المرافئ القديمة
لنا .

لم اؤمن بعد ( ولا اعتنقد اننى سأؤمن بأن الله لم يخططك لى كما ينبغى لاله

الصور الحزينة التى شدها صوتك من غشاوتها لم تزل تفرض ليلها على الذاكرة اكثر مما لها

من قدرة حقيقية على ذلك . لعلنا تلك الصدفة التى لا تؤهل للالتحام او للنسيان .


لعلى لم اعد متمكنا من الصلاة على قبور احبتى كما يحبون . جميعهم احبوا

صلاتى فى وجع ذكرياتى البائسة . جميعهم يتذكرون انى صنعت لهم مراياهم من بداياتى

المسالمة . وجميعهم كانوا ينتظرون ان تأتى كى يعرفوا تلك التى يكتبها شاعر قبل ميلادها .

وربما حتى قبل ميلاده . الجنون له لغة يعرفها الفاقدون لأسماء لا تدل على اصحابها . العبث

ايضا له لغة منحوتة من كلام الكهوف فى شتاءات الحزن .


أية احزان سيرددها الميتون لنا وقد اغلقنا غاباتنا فى وجه اشجارهم . أليس الحكاية

ميتة ميته . فيما احاول التلصص كى اعرف ما تقوله القهوة فى حصارها الطويل .

تحاصر القهوة القصائد التى تدمرها جوازات السفر . بينما العب فى مساحة لا جغرافيا تحكم

صمتها او سكونها .
ترافقنى فكرة الموت التى ترصدينها على النافذة التى بلا لون واضح . لا اعرف

الفكرة من وراء صنع النوافذ التى تطل على المشاعر التى نريد تضليل ذواتنا قائلين اننا

لا نملكها .


كيف يمكن لقلب نشفته النبوءات الكاذبة ان يعشق فى نهم كل هذا السفر الذى لم

يفقس غير لونه الواحد فى كل المرايا .


اعرف الان لماذا يهجر الناس الجزر

هذا انا اتى كاملا على نعشى التلاميذى الصغير . احرز انتصارا على رصيف فارغ

فيما اعرف حجم الهزيمة التى تنتظر على مقربة من ثانيتين فقط .

وحدى تمارس عنادها وتكسرنى


اعرف الان لماذا يخاف الورد احيانا من الناظرين . واشتهى بطلا يسكننى كى

افك عن وجهك الحزين غلالته المنسية فى عينيك . يعصرنى ان البلاد عريقة فى ارتشاف

ابنائها الجميلين . ابناءها الذين يحبونها اكثر حين تفككهم الى يأس وقصائد .


اعرف الان من اين ياتى الحزن بقدرته عليك . واعرف اكثر لماذا تؤجلين موتك

وتشترطين على الدنيا وحدتك .
لم ينتبه فارسك المهادن انك اجمل من امر السماء . لم يصدق اوجاعك التى لم

ترسميها صراحة فوق كفه التى لوحت بالوداع . الأشجار كلها تشاهد هواءك يتسلل نفسا

نفسا . بينما لا صراخ يفتح القبلة امام عاشقة كى تحبس الريح بين فكرتين ناضجتين . اى

نضوج يسمى لقلبه جرحه . يعطيك شرعية الالهة التى لا تفكر بغير الضحكات الصغيرة على

الوجوه التى فقدت نصفها .


اعرف الان كم وردة على ان اجفف عرق الندى عن لونها كى تصلح تحيىة صباح

عادى لعينيك .


اموت مرتين كلما مرت عيناك تقاتلان ذاكرتى العنيدة . تفضحان نيتى التى تحاول

الاختباء وتفشل - حين تمتد نظراتك الى المطلق الذى يذبح فكرتى . فيما ابحث بين

جرحها عنى فوجتك . كان الوطن بين يديك واضحا وكان لهاثى يردد انفاسك ممتشقا

خيوله كلها .


كنت اعيد انتباهة الروح الى اولها المخملى . فيما اكتشافات غريبة ترسم العالم من

جديد بلغة كأن القلب لم ينطقها ولم تكتبه .


ايتها العينان اللغة . اعرف الان كل مفردة تقاتلنى ليلا كى ترد القلب عن انتحاره

القريب . اعرف ان على ان اعيد هيكلة القلب كى يناسب الجرح الذى يملأ تفاصيله حين

تبكى الملائكة فى عينيك اللتان من سفر طويل .


لم اعرف من اين ستأتين الى القلب مثل دم قطرته الدموع . كان الجرح يحرس

بوابة الذاكرة . فيما جئت كى تقطفى وردة النسيان من سرها الجنائزى . كى تعلنى انك

نرجسة الشاعر دون انتظار وجهه الذى ولاه صوب قبلة لم يعلنها الله .


كم مرة على الاعتذار لهذا القلب . كم مرة اقول له انك تماثلت للخروج من

جهنمه الباردة . كم مرة اسمى الروح باسمك فيما النوافذ فى الصدر تطل على حزنك

النابض بالكبرياء .


اعرف الان انك رحلتى التى انجزها القلب فى صراخه الطويل . تلك المرة التى لا

يخجل الجسد النحيل امامها حين يقترف امنيته الوحيدة .المراة التى ترسم موتى على

صدرك اكثر رومانسية من اية حياة لا تحمل انطلاقات وجهك النبى .


واية حياة تلك التى لا استثناء فيها .

اغلق ذاكرتى عليك مدربا قلبى على التقاط همستك الصغيرة . يأتى الصباح منتشيا

حين يحمل فكرة رؤيتك .


احرق الطرق التى تؤدى الى غير عينيك . احرق صور النساء كلها . فيما اشتهى

ترديد اسمك كلما لامست الهواء .

احس ان للعشق مطر . واننى صحراء المدى .

يا امرأة تمضغ القلب بعينيها كلما توترت احلامها . يا امرأة تخونها الذكريات على

مرأى منى . يا امرأة لا تعرف اننى منهاجها الابدى : انى وجهها الذى ضاع فى الحكايات

التى روتها الجدة . يا امرأة لم تعرف بعد انى نبيها الربان

: اعرف الان انك حبيبتى